جريمة غريبة على مجتمعنا...الأب آثم والأبن يقتص لأخته
صفحة 1 من اصل 1
جريمة غريبة على مجتمعنا...الأب آثم والأبن يقتص لأخته
جريمة غريبة على مجتمعنا...الأب آثم والأبن يقتص لأخته
حوادثالثلاثاء 31/1/2006م
سورية عبدو
والله العظيم افترسني..! هذا ما قالته الصبية وسط دهشة الجموع المرصوفين خلف بعضهم في مقاعد قاعة القصر العدلي بطرطوس.
لم تمنعها عصافير دموعها المتهادية على وجهها الغض من فتح بئر السر الذي تجذر في قعره طائر محبط بالخوف والألم, عادت تقاوم مشاعر أشرفت على خنقها لكنها استجمعت شجاعتها وقالت: اسمع ياسيادة القاضي ! ثم صمتت!
دموعها خانتها مرة أخرى, دفنت وجهها الجميل بكلتا يديها وأجهشت في بكاء مرير, ضجت القاعة بكلام غير مفهوم تبادله المحشورون الذين جاؤوا ليتبينوا الحقيقة لكنها تمالكت نفسها ثانية وقالت بصوت مبحوح: أرجوكم اسمعوني.
وحل طائر الصمت فوق القاعة, قالت مشيرة بإصبعها إلى الرجل الذي يقبع في قفص الاتهام:هذا الرجل افترسني, نعم هو ذاك وعلى مدى أعوام طويلة, وأنا كنت ألوذ بالصمت والخوف والحيرة! أتعرفون من يكون هذا الرجل? إنه.. إنه وقبل أن تسميه غاصت في بحر من الدموع...
إنه... أبي!! تهادى صوتها إلى الأسماع مريضاً متعباً متقطعاً متوسلاً متكسراً وراحت تئن وهي تكرر.. أبي.. نعم إنه أبي.
ضجت القاعة بأصوات الحاضرين لكن القاضي أشار للفتاة أن تكمل إفادتها, قالت: حينما توطأ والدي مع الشيطان كان عمري 10 سنوات وكنت ألاحظ من خلال تصرفاته غير الطبيعية أشياء لم أكن أفهمها في ذلك الحين, ورويداً رويداً راح يتصرف معي أشياء تنفرني وحينما يخرج الجميع من المنزل كان يقدم على... بعدها كان يهددني بالقتل إذا بحت لأحد بما يجري.
أيام وأيام بل سنوات تمر ومصير جسدي بين رجل غابت الشفقة من قلبه المكدس بالثلج والرماد. كنت أكره اللحظة التي يخرج فيها الجميع من المنزل وأحاول اللحاق بهم لكنه كان بأسلوبه القذر يمنعني دون أن يشعر أحد بذلك.
كنت ابنته وزوجته في آن..!!
الخوف من الذبح والفضيحة ومن ممانعته ساقني إلى فراش المرض شهور وأنا طريحة, كنت أبكي مصيبتي التي لاشبيه لها, ويتصاعد في داخلي رغبة عارمة كي أبوح لأي كائن يأخذ بيدي.. لكنني أخاف من وقوع كارثة لاسيما إذا عرف إخوتي بذلك, وجاء اليوم الذي أسعفت فيه إلى المشفى الوطني بطرطوس. بعد التشخيصات التي أجريت تبين أنني مصابة باعتلال في عضلة القلب وهناك لقيت الكثير من العناية والاهتمام, وفي إحدى الأمسيات وكانت الممرضة تجلس بقربي تؤنسني, تأججت شجوني ورحت أبكي بحرقة, بلحظة واحدة فاض القلب بمآسيه وآلامه.
أجل ياسيادة ا لقاضي في تلك الليلة قلت للممرضة كل هذا, بحت لها بالسر الذي يجثم على صدري وهي بدورها أخبرت الشرطة التي ساقته إلى هنا..!
وعاد الضجيج ثانية, راح أحدهم يهتف بحماس مشبوب بغضب عارم: أعدموا ذلك الوغد وبعد أن عادت القاعة إلى هدوئها أصدر القاضي الحكم على ذلك الرجل بالسجن مدة أربعة أعوام!
أربعة أعوام قضاها الرجل خلف القضبان, وأبناؤه ينتظرون خروجه على أحر من نار. وقبل أن تهدأ نيرانهم خرج الوالد يجر أذيال فضيحته, وجلس في صدر البيت يرصد تحركات أولاده الذين راحوا يوزعون عليه نظرات الاحتقار, اقترب منه كبيرهم وهو يحمل القرآن. قال له لِمََ فعلت ذلك بأختي? أجابه بأنها كاذبة وليس له علاقة بما ادعت.
طلب منه أن يقسم اليمين على كتاب الله ! لكنه أشاح بوجهه عن الكتاب المقدس أسرعت الفتاة ووضعت يدها على المصحف وأقسمت بالله العظيم أن و الدها هو الذي أقدم على ذلك. تطايرت شرارات النار من أعينهم جميعاً وفاض بركان الغضب من صدر الشاب, صاح به هائجاً احلف على كتاب الله, لكن الوالد نظر إلى ابنته بعجز فاضح, قبّل الابن الكتاب وأعاده إلى مكانه, وتناول بدلاً عنه السيف المصلوب على الجدار وراحت تعصف برأسه وزئير الحقد يجول في قلبه وبلحظة البرق غمد السيف في صدر الوالد, تطاير الدم حول المكان, بقّع كل شيء ولكن الأحمر أغرى الابن بتفجير مكامن القسوة داخل ذاك المتحجر, وعاد يطعنه, طعنات تلو الطعنات, راح الأب يصرخ ويستغيث دون أن يلاقي نجدة من أحد وبأنين الأب واختلاجاته الأخيرة رمى ا لابن السيف جانباً, اقترب من أخته عانقها وودع الجميع ومضى إلى قسم الشرطة وأمام الضابط مدّ يديه الملطختين بدم أبيه لتعانقهما من بعد ذلك سلاسل حديد.
وبتاريخ 1-11-2005 وبعد وقوع الملف بين أيدينا حصلنا على موافقة بزيارة الشاب من الجهات المعنية وفي السجن قابلنا الشاب وسألناه عن مدى تحققه من إدانه والده.
أجاب: كل ما أعرفه أن أختي طاهرة وهي ملتزمة جداً, وما زاد من قناعتي بإدانته هو تمنعه عن القسم.
عدنا وسألناه: ألست نادماً على ما فعلت? اغرورقت عيناه بالدمع وأطرق دون أن يقول شيئاً.
طوينا أوراقنا وعدنا, لكن بقي للقصة أكثر من سؤال.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى